[ = ][ لا تيأسْ ..
الأرض دُقّ عليها ..
حتى تَسْتيقِظ ..
ضَاجعها لِتُنْجِبَ أبطالاً ..
عـنْدَما يَسْتَظِلُّ النخيلُ بِظلّك.. عِنْدَما يَمْتَزِجُ دَمُكَ بِالتُرَاب.. عِنْدَمَا يَنْصَهِرُ قَوَامُكَ بِفِعْلِ لَسَعَاتِ شَمْسِ اغَسْطُسْ المُحْرِقَة، لِتَتَسَلْسَلَ سَائِلاً بَيْنَ حُبَيْبَاتِ الرِّمَال.. عِنْدَمَا تَقْسُمُ الخُضْرَةُ بِاسْمِك.. وَيَلْهَجُ خَرِيرُ مَاءِ (الزاجرة) عُنْفُوَانِ قُوّةِ ظَهْرِك.. عَنْدَمَا تَنْضَحُ الأرضُ بِحُبّك، وَتَنْضَخُ بحُبّها.. عِنْدَهَا سَيَكُونُ تَغْرِيدُكَ زَغْرَدَةَ انتِصَارٍ خَارجَ السرب.. وَهَكذا كَانَ الحَاج حَسَنْ عَلي البَحْراني
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تــأَبَّطْتُ أَوْرَاقِي.. تَأَكَّدْتُ مِنْ بِنْزِينِ سَيَارَتي.. وَانْطَلَقْتُ، بَعْدَمَا اصْطَحَبْتُ مُصَوّرَ المَوقِعِ وَعَدَسَتِه.. لَمْ يَكُنْ مُجَرَّدَ السَمَاعِ بِقُصَّتِهِ يُشْفِي غَلِيْلِي، لا ولا يُرْضِي فُضُولي، وَلِذَلِكَ شَدَدْتُ الرِّحَالَ لأَخُوضَ غِمَارَ قُصَّتِهِ وَلَوْ لِسُويْعَات، وَلِنَقِفْ عَلَى ضِفَافِهَا رُويداً ..... لَنْ أَقِفَ الآن لِشِرَاءِ مَشْرُوبٍ بَارِدٍ يُخَفّفُ حَرَارَةَ الجو، فَالسَّاعَةُ الآن تُشيرُ للتَاسِعَة والنُّصْف، وَالمِشْوَارُ سَيَسْرُقُ نصفَ سَاعَةٍ أُخْرَى.. وَلِذَلك جَعَلْتُ مُؤَشّرُ مُكَيّف السَيّارَةِ عَلَى الرَقم أَرْبَعَة، عَلَّهُ يُخَفّف وَطْأَةَ الشَّمْس، وَدَعَسْتُ بِرِجْلِي عَلَى بِنْزِين سَيَّارَتي..
عـَـلَى جِسْرِ سِتْرَة، التي تَتَحَوّلُ فِيْهِ السَيَّارَةُ الى سَفِيْنَةٍ يَتَلاعَبُ بِهَا –الأَسْفَلْت- الآكِلُ الشَارِبُ الدَّهْرُ عَلَيْه، وَبِالتَحْدِيدِ عَلَى شَمْأَلٍ مِنّي يَلُوحُ مَحَطُّ رِحَالِنَا، وَبِدَايَةُ قِصَّتِنَا.... (جَزِيْرَةُ النَّبِيه صَالح) حَيْثُ النَّخيلُ تَشْرَأبُّ بِأَعْنَاقِهَا تَأْلَفُ الموتَ وُقُوفاً، كَأبي الهَوْلِ تَحْرُسُ الجَزِيْرَة، وَتُرَحِبُّ بِالضيوف.. تَرَجَّلْتُ مِنْ سَيَّارَتي، وَعِنْدَ أَوَّلِ لَطْمَةٍ مِنْ أَشعةِ الشَّمْس تَذَمرْتُ مِنْ هَذا الجو، فَبَادَرَني مُصَوّرُ المَوْقِعِ بِابتِسَامَتِه.. وَفي اللحْظَةِ ذَاتِهَا نَظَرْنَا إلى كُوخٍ مَصْنُوعٍ مِنْ سَعَفِ النَّخِيل، عَلَى الطَرِيْقَةِ البِدَائِيّةِ القَدِيمة.. تَسَاءَلْتُ أَهُنَا سَنَجِدُ الحَاج حَسَن البَحْرَاني ؟!.. أَجَابَنِي المُصوّر : يَبْدُو ذَلِك
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]تَخَطَّيْتُ بَابَ المَزْرَعَةِ، إِنْ كَانَ يَصُحُّ أَنْ ادْعُوهُ بَاباً، مُقَارَنَةً مَعَ الأَبْوَابُ المُتَطَوّرَةِ حَالياً، كَانَ مُجَرَّدَ مَجْمُوعَةِ جَريد نَخْلٍ مَرْبُوطَةٌ بِحِبُالٍ لِيْفِيْ، وَمْقَفُولٌ بِحِبَالٍ آخَر، مَشَيْتُ عَلَى قِطْعَةٍ خَشَبِيةٍ تُوْقِيْكَ الوُقُوعُ في سَابٍ جَفَّ مِنْهُ المَاء، لأَجِدَ نَفْسِي وَسْطَ أَرْضٍ قَاحِلَةٍ، خَرِبَه.. حَيْثُ يَقْتَحِمُهَا جِدَارٌ اسْمَنْتيٌ ضَخمٌ عَلى شِمَالها، وَالنَّخِيل المَيْتُ الّذي يُلْمَحُ مِنْ عَلَى جِسْرِ سِتْرَة عَلى جُنُوبِها.. فَجْأَةً، وَأَنَا أَتَهَامَسُ مَعَ المُصَوّر عَنِ المَكَان، خَرَجَ رَأْسٌ مِنْ بَابِ الكُوخِ، حَدَّقَ فِيْنَا بُرْهَةً ثُمَّ اختَفَى دَاخِلِه.. لَيْسُ هُو مَطْلَبنا، فالحَاج حَسَنْ البَحْرَاني ، رَجُلٌ بَيْنَ السِتّينِ وَالسَبْعينِ مِنْ العُمْر، فََاقِدُ البَصَر ..تَخَيّل!!، أنْ يَنْهَضَ رَجُلٌ مِنْ نَوْمِهِ مَعَ كُلِّ إِشْرَاقَةَ فَجْرٍ جَدِيد، يُبَارِزُ الشَيْخُوخَةَ بِعَمَلِهِ وَسْطَ مَزْرَعَةٍ يَابِسَة، تَحَوّلَت فِيْهَا الخُضْرَةُ بَعْدَ الذُّبُولِ إلى اصْفِرَارٍ شَاحِب، يُغْرِي بِغَزْوٍ عُمْرَاني..كُلَّ صَبَاحٍ يَنْهَضُ لِيَسْقِي الأَرْضَ بِمَاءِ الحُب.. وَفَوْقَ ذَلِكَ أَنّهُ رَجَلٌ كَفِيف..
تَقَدَّمْنَا نَحْوَ الكُوخِ بخَطَوَاتٍ هَادِئَة.. الحَاج حَسَنْ يَجْلُسُ عِنْدَ بَابِ الكُوخِ مِنَ الدَّاخِلِ، أَمَلاً في نَسْمَةِ هَوَاءٍ بَارِدَة، تُلَطِّفُ الجَو ، بَيْنَمَا الحَاج عَبْدَالله –أَحَدَ أَصْدِقَاءِه- كَانَ يُهَفْهِفُ بِوَرَقَةٍ كَارْتُونيّة عَلَى وَجْهِه.. بَعْدَ دِيْبَاجَةٍ تَرْحِيْبِيّةٍ خَاصّة، استَلَمَ الحَاج عَبدالله طَرَفَ الحَديثِ مُؤَشِراً بِيَدِه "هَذَا هُوَ الحَاج حَسْنَ البَحْرَاني مَنْ تَقْصُدُونَه.. كُلَّ يَومٍ يَتَرَبَّعُ وَسْطَ هَذَا الكُوخ، يَتَحَسَّسُ الليْفَ بَيْنَ يَدَيْه، لِيَصْنَعَ الحِبَال.. مِسْكِين.. في السَابِقِ كَانَ هُنَالِكَ مَنْ يَشْتَرِي عَرَقَه (الحِبَال)، بَيْنَمَا اليَوم لا أَحَدْ" ..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]قًاطَعَهُ الحَاج حَسَن"مَاذَا أَفْعَلْ يَا وَلَدِي؟!.. أَأَجْلُسُ في البَيْتِ أَمُوتُ حَياً؟!.. هَا أَنَا أُحَرّكُ دَمِي، وَأَهْرُبُ مِنَ النَوْم.. لَجَأْتُ إلى هَذا الكُوخ لِكَي لا يَتَسّخ البَيْت بِبَقَايَا اللّيْفِ وَالأَوْسَاخ، لا أَحَدٌ يَرْضَى أَنْ يَتسخ بَيْته"..
مـَـسَحَ الحَاج عَبدالله العَرَقَ عَنْ جَبِينِهِ الوَاسِع بِإزَارِه، وَأَرْدَفَ " عِنْدَمَا كَانَتْ هَذِهِ الأَرْضُ التي تَطَأهَا بِقَدَمِك، تَكسُوهَا الخِضْرَة وَالثِمَار، كَانَ الحَاج حَسَن يَسْقِيْهَا بِشَكْلٍ يَوْمِي، رُويداً رُويداً تَحَوّلَتِ الخُضْرَة إلى يَبَاس، لَكنّهُ وَاصَلَ عَمَلِيّة الرَيّ.. يَروي نَخِيلاً مَيّتاً!!.... بِأذْنكم أَنَا سَأَرْحَل، مَعَكَ الشَبَاب يَا أَبوعَلي.. إِذَا مَا قَرُبَ وَقْتَ الصَلاةِ دَعْهُم يُوصِلُونَكَ المَسْجِد".. أَبْدَينَا استِعْدَادِنَا لإيصَالِه، بَلْ وَلَنَا الشَرَفُ في ذَلِك.. وَبَعْدَهَا رَحَلَ الحَاج عَبْدَالله وَهْوَ يُتَمْتِمُ مُتَذَمراً مِنَ الجَو..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]الحَاج حَسَن "عِنْدَمَا كَانَ عُمْرِي لا يَتَعَدى الخَمْسَ أَعْوَام، اجتَاح البَحرين مَرَضُ الجُدَري، لَمْ يَتْرِكْ بَيْتاً إلاّ وَدَخَلَهُ زَائراً ثَقِيلُ الظّل.. لَمْ يَكُنِ الوَقْت آنَذَاك كَمَا هُوَ عَلِيْهِ الحَال مِنَ تَطوّرٍ في الطّب، فَكَانَ مَن يُصَابُ بهذا الدَّاء (يخيس) وَمِنْ أَثَرِ الجُوعِ ..... يَمُوت ..
وَمِنَ المُؤسِف، ذَاتَ صَبَاحٍ استَيْقَظْتُ وَقَدْ اجتَاحَني الجُدَري بِغَطْرَسَتِهِ حَتى عَيْني، كُنْتُ أَرَى الشَيء القَلِيل، وَمَتى سَنَحَتْ الفُرْصَةُ لِرُؤيةِ مَا حَوْلي، كُنْتُ أَخْرُجُ مِنَ البَيْتِ أُمَتِّعُ نَاظِري بِمَا أَرَاه، وعِنْدَمَا يَشْتَدُّ المَرَض، لا أُفَارِقُ بَيْتَنَا..
اشتَكَيْتُ لأُمي (الله يرحمها) ضِيْقَ حَالي، ولتُوّسِعَ ضِيْقِي وَضَعَتْ كَميّةً مِنَ المِلْحِ في فَمِهَا، لاعَبَتْهُ بِلُعَابِهَا، ثُمّ بَصَقَتْهُ في عَيْني .... وَمِنْ بَعْدِهَا أَيْنَمَا ذَهَبْتُ فَالدُّنيَا سَوادٌ لا غَيْر " .. ضَحَكَ الحَاج حَسَنْ لِيَكْشِفَ عَنْ اسَنَانِهِ المُتَكَسِّرَة، وَضَحَكْنَا مَعَه ..ثُمَّ وَاصَلَ "بَعْدَ سَنَتَين صَارَتْ جَدَّتي وَأُمّي تَأْخُذَاني مَعَهُمَا إلى المَأْتَم، وَصَارَ الأَوَلادُ الصِغَار يَقُودُوني مِنْ مَكَانٍ إلى مَكَان، حَتَى اهتَدَى قَلْبي إلى الشَارِع، إلى الأَزِقَة، وازدَادَ الإحسَاسُ بما حَوْلي .... ثُمّ اشتَغَلتُ الزِرَاعة..
[ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذه الصورة]لأَكْثَر مِن عَشرِ سَنَواتٍ خَلَت، وَأَنَا لمَ أُفَارِق هَذِهِ المَزْرَعَة، كَانَ بِهَا بِضْعُ نُخَيْلات، فَطَلَبْتُ مِنْ صَاحِبِ المَزْرَعَةِ أَنْ اعمِلَ بِهَا بِرَاتِبٍ وَقَدْرُهُ 25 دِينَاراً شَهْرِياً، لِكَنَّهُ لَمْ يَقْبَل إلاّ بـ 15 دِينَار، وَافَقْتُ، وَبَدَأْتُ العَمَلَ بِحَفْرِ (غَرّافة) بِيَدِي لِسَقْي المَزْرُوعَات، فَتَحَوّلَت البِضْع إلى الكَثِير، وَزَرَعتُ بها (البقل، الرويد، الخس، كنار، لوز، القت )، كَانَتْ الخُضْرَة تَكْسُوهَا مِنَ الرَأسِ حَتَى البُوع.. فَجأَة، تَحَوّلَ مَاءُ (الغرّافة) الحُلو إلى مَالِح.. حَفَرْتُ غَيْرَهَا، لَمْ تَنْبَع مَاءً.. حَفَرْتُ غَيْرَهَا، كَانَت مَالِحَة أيضاً.. وَكُلّمَا حَفَرْتُ لا تَنْبَعُ إلاّ مُلُوحَةً وَمُلُوحَة، حَتى جَفّتِ الأَرْض.. لا مَاء، سَيَمُوت الزَرْع، مَاتَ (البقل والرويدو.. و.. ) شَيْئاً فَشيئاً، وَتَبَعُهُ النَخِيل .. بَاتَ وُجُودِي وَعَدَمِي في المَزْرَعَةِ سَيّان، فَأَوْقَفَ صَاحِبُ المَزْرَعِةِ الرّاتِبَ عَني، لَكنني طَلَبْتُ منهُ البَقَاء بِهَا..
شَيّدتُ هَذا الكُوخ، مَعَ الحَاج عبدالله – مَنْ رَحَلَ قَبْلَ قَلِيل- وَصُرْتُ اتَسَلَى بِصُنْعِ الحِبَال، وَأَحْفُرُ بِينَ الحِينِ والحِينِ (غَرّافة) بحثاً عَنِ مَاءٍ حُلو ، لَكِن مَاذَا أَفْعَل ؟! كَمَا يَقُولُ النّهام :
الطــــــير ليمن طار محلى رفيفه
ولين انكسر منه احد الجناحين ما طار
[size=18]تَـحَسَّسَ الحَاج حَسن بِيَدِهِ الكَوَارتين خَلْفَ ظَهْرِه، وَسَحَبَ كَارتوناً لِيُخْرِجَ لَنَا بَعْضَ الحِبَال الّذي صَنَعَهَا، فَهو يَبِيعُ
رَبْطَةَ الحِبَالِ الوَاحِدَة بِسِعْرِ 3 دينار، يَحْمُلُهُم وَلَدَهُ إلى السُوقِ لبَيْعِهَا، وَلِكنّ البَيْعُ بَاتَ قَليلاً جِداً، ثُمَّ أَعَادَ الحِبَال إلى مَكَانِها..
طَـلَبْنَا مِنهُ ان يُرينَا كَيْفِيةِ عَمَلِ (الغرافة).. صَرَخَ بِيَا عَلِي وَنَهَض، لَمْ يَلْبِس نَعْلهُ الّذي كَلَّ فَرْدَةٍ فِيهِ تَخْتَلِفُ عَنِ الأُخرَى، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ لِلْشَمْسِ (اصهَرِيني عَلى هَذِا التُرَاب) ليمْتَزِج بها قاَلَبَاً وَاحداً.. في مَشْيَتِه، لَنْ تَحْسِبهُ كَفيفاً عَلَى الاطلاق، يَسِيرُ بِخَطَوَاتٍ مُتَوَازِنَة، وَاثِقَة، لا يَتَلَكَأُ ولا يُخْطِـأ، حَتى وَصَلْنَا (الغرافة) خَشَيْتُ وُقُوعَهُ في البِئْر، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلَى كَتِفِهِ ليَتَوَقف، لِكنَّه رَدَّ عليّ بِضَحَكِه بِبُرُود، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ (لا تَخَف .. فَأَنَا أَعْرَفُ المَكَانَ أَكْثَرَ مِنْك).. رَفَعْتُ يَدِي، وَصَارَ يَجُرُّ رِجْلَيهِ بِبُطأ حَتى وَقَفَ بِشَكْلٍ أُوتُومَاتِيكي عَلَى حَافَةِ البِئْر، سَحَبَ حَبْلُ (الغرافة)، أَنْزَلَ القطعَةُ المَطَاطِيّة لجَوْفِ البِئْر،
مَلَئَهَا بِالمَاء، رَفَعَها نَحْو شِبْهِ سَابٍ، وَرَمى المَاء فيه ... وَلِلعِلم، حَاوَلْتُ بَعْدَ ذَلِكَ بِكُلِّ جُهْدِي استِعْمَالِ (الغرافة)، لَكنَّني لَمْ أَعرِف، بَيْنَمَا استَطَاع المُصَوّر أنْ يَفُوزَ بِبِضْعِ قَطَرَات .. استَدَارَ الحَاج حَسَن عَائِداً للكُوخ، وَعَنْدَما حَسّ بِالماء عِنْدَ رِجله، نَزَلَ لِيَغْرُسَ اصَبَعَهُ فيه، ثُمَّ مَصَّهَا، وَبَصَق .. فَعَلْتُ مِثْلَهُ، كَانَ المَاءُ مَالحا جِداً..
صـَـارَ الوَقْتُ قَريباً لأَذَانِ الظُهْر.. نَزَعَ الحَاج قَمِيْصَهُ ليَرتَدِي آخر، لا يَخْتَلِفُ حَالَهُ كَثيراً عَن حَالِ خَلِيْلِه.. عَرَضنَا عَلَيْه تَوْصِيْلَهُ إلى المَسْجدِ لَكنَّهُ رَفَض، بِحُجَةِ أَنّهُ مُتَوسخٌ نَوْعاً مًا، وَلا يُريدُ تَوسِيخَ السيَّارَة، وَبَعْدَ الإِصْرَارِ وَافَق .. عَبَرنا الجِسْرَ الّذي لَوْ وَسَّعْتَ
بخطوتك يميناً أَو شِمالاً لَوَقَعْت، وَمَعَ ذلك فَالحَاج يَعْبُرُهُ بِكُلِّ سَلاسَةٍ وَسُهُولَه، اقفَلَ مِن وَرَاءِهِ البَابَ، وَتَبَع صَوْتَ مُحَرّكُ السيّارة، عِنْدَمَا اقتَرَبَ مِنَ السَيّارة كَانَ عَلى وَشَكِ الاصطِدَامِ بِهَا، فَوَضَعْتُ يَدِي عَلى كَتِفِه، وَفِي هَذِهِ المَرَّة ، كَانَ دَوْرِي بالضَحِك ..
عـِـنْدَ المَسْجِد أَصَرَّ الحَاج حَسَن البحراني بَشَكْلٍ غَريب، عَلَى تَنَاولِ وَجْبَةَ الغَذَاء مَعَه، وبِصُعُوبَةٍ وَمُعُانَاةٍ تَقَبَّلَ عُذْرَنَا، عَلى أَنْ يَكُونَ بَيْنَنَا لِقَاءٌ آخر.. وَدَّعْنَاهُ وَرَحَلْنَا بِالسَيّارة وَأَنَا أُرَاقِبَهُ مِنَ المِرْآةِ العَاكِسَه وَهو يَرتَقِي عَتَبَاتِ المَسْجِد ..
ليَوْم كُلَّمَا عَبَرْتُ جِسْر سِتْرَة أَوْ اقتَرَبْتُ مِنَ جَزِيرَةِ النَّبِيه صَالح
،اسْمَعُ تَغريد الحَاج حَسَن المُخْتَلِف عَنْ ايْ تَغْريدٍ آخَر.. وَلَو طُفْتُم بِالقُرْبِ من الجزيرة –أعزائي- اصيغُوا السَّمْعَ .. دَققوا جَيداً .. سَتَسْمَعُونَ تَغريداً خَارِجَ السرب .. [/
بصراااااااااااحه الموضوع حيل شدني روعه :